
آتى اللهُ سيدَنا عيسى عليه السلام من الآياتِ البيِّنات ما هو متَّفِقٌ مع ما كان عليه حالُه الشريف معه تعالى عبوديةً له خالصةً لوجهِهِ الكريم؛ كيف لا وهو عليه السلام قد قال وهو بعدُ صبيٌّ في المهد: (إِنِّي عَبْدُ اللَّه.. أَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) (من 30 ومن 31 مريم). ومن هذه الآيات البيِّنات ما فصَّلته وبيَّنته سورةُ آل عمران في آيتِها الكريمة 49 والتي حفظت لنا قولَه عليه السلام مخاطباً قومه (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وهذا الذي آتاهُ اللهُ تعالى سيدَنا عيسى عليه السلام من قدرةٍ غير عادية لَيُذكرنا بما كان اللهُ تعالى قد آتاهُ سيدَنا يوسف عليه السلام من قدرةٍ غيرِ عاديةٍ هي الأخرى بوسعنا أن نتبيَّنَها وذلك بتدبُّرِنا ما جاءتنا به سورةُ يوسف من خبرِها في الآية الكريمة 37 منها، والتي يخاطبُ فيها عليه السلام صاحبَي سجنِهِ: (قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي). وهذا الذي أنعمَ اللهُ به على سيدِنا يوسف كان جزاءً وفاقاً لما كان عليه حالُه معه تعالى؛ هذا الحالُ الشريف الذي يكفينا حتى نتبيَّنَه أن نتدبَّرَ ما جاءتنا به سورةُ يوسف في آيتَيها الكريمتين 37- 38 (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ. وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ).