ليس بالعسيرِ علينا أن نتصورَ ما كان سيؤولُ إليه الأمرُ لو أنَّ اللهَ تعالى لم يتدخَّل فيصرفَ عن سيدِنا يوسف السوءَ والفحشاء، وذلك بأن أراه عليه السلام “برهانَ ربِّه” (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين) (24 يوسف). فلماذا لم يتدخَّل اللهُ ليصرفَ عن سيدِنا آدم كيدَ إبليس، كما صرفه عن سيدنا يوسف، فيحولَ بذلك دون أن تمتدَ يدُه عليه السلام إلى الشجرةِ التي كان تعالى قد نهاهُ عن الأكلِ منها؟ أما كان ذلك لِيحولَ دون أن يقعَ سيدُنا آدم في المعصية؟ وأما كان ذلك ليجعلَه وزوجَه يبقيانِ في الجنةِ التي كان اللهُ تعالى قد أسكنهما إياها؟
تكمنُ الإجابةُ على ما تقدَّم من أسئلة في الحقيقةِ القرآنيةِ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى كان قد أجازَ إبليسَ، إذ استجازه، بأن يفعلَ كلَّ ما بوسعِه حتى يشنَّ على الإنسانِ غارتَه علَّه أن يفلحَ في جعلِه يحيدُ عن جادةِ الحق (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (82- 83 ص).
ولذلك لم يتدخَّل اللهُ تعالى ليصرفَ عن سيدِنا آدمَ كيدَ إبليسَ أما وقد “سبقَت كلمةُ اللهِ” فسبقَ السيفُ العذل (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (129 طه).