تحدثتُ في منشورٍ سابق، عنوانه “لماذا خلقَ اللهُ المرأة؟”، وذكرت أنَّ المرأةَ لم تُخلَق “للإنجاب والأُنس”، وذلك كما يُصِرُّ البعض على تهميشِ وجودِها وجعلِه يقتصرُ على ما لا قدرةَ له على أن يجعلَها تتبوَّأ المكانةَ التي خُلِقَت لتشغلها! فالمرأةُ خُلِقت لتعبدَ اللهَ الذي نُصِرُّ على أن نُعرِّفَ وجودَنا بمفرداتٍ لم ترد في دينِه الحنيف!
ولقد أخذَ البعضُ عليَّ أنني تساءلتُ “لماذا خلق اللهُ المرأة؟” ولم أتساءل “لماذا خلقَ اللهُ الرجل؟”. ولو أنَّ هذا البعض أنصفَ لأدرك أنَّي ما تساءلتُ “لماذا خلقَ اللهُ المرأة؟” إلا لأُفنِّدَ دعاوى أولئك الذين ينظرون إلى المرأة فيرونها لا أكثرَ من “ماكنةِ إنجابٍ وأداة أُنس”!
وها أنذا أكتب هذا المنشور “لماذا خلقَ اللهُ الرجل؟” حتى يتبيَّنَ لنا ألا فرقَ هناك على الإطلاق بين الرجل والمرأة، وذلك على قدرِ تعلُّقِ الأمر بنظرةِ اللهِ تعالى إلى كلٍّ منهما طالما كان اللهُ، وكما قال رسولُ اللهِ صلى الله تعالى عليه وسلم، “لا ينظرُ إلى أجسامِنا ولا إلى صُوَرِنا ولكن ينظرُ إلى قلوبِنا وأعمالِنا”؛ فلا هذه ولا تلك تكفي لتُعرِّفَنا التعريفَ الحق الذي سيُصارُ بمقتضاهُ إلى الفصلِ والتفريقِ بيننا يوم القيامة: فريقاً إلى الجنةِ وفريقاً إلى النار.
نعم لقد خُلقَ الرجلُ، كما خُلقَت المرأة، ليعبدَ اللهَ الذي ما خُلِقَ كلٌّ منهما إلا ليعبدَه.
