عرَّفَ اللهُ تعالى الإسلامَ، دينَه الحق، في قرآنِه العظيم بأنه “ملَّةُ إبراهيم” (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) (من 125 النساء).
ولقد أمرَ اللهُ رسولَه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يتَّبعَ ملةَ إبراهيم (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (123 النحل)، (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (161 الأنعام).
كما وأمرَ اللهُ تعالى الذين آمنوا بأن يتَّبعوا هم أيضاً “ملةَ إبراهيم” (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين) (95 آل عمران).
ويكفي “ملةَ إبراهيم” رفعةً وشرفاً أن يقولَ قرآنُ اللهِ العظيم فيها ما جاءتنا به سورةُ البقرة في الآية الكريمة 130 منها (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ).
ولذلك فلقد سَفِهَ نفسَهُ كلُّ مَن دفعت به جهالتُه إلى الجزمِ بأنَّ الإسلامَ هو ليس ملةَ إبراهيم، وذلك طالما كان سيدُنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم هو مَن جاءنا به وليس سيدَنا إبراهيم عليه السلام! ويبدو أنَّ كلَّ مَن يقولُ بهذا القولِ قد فاتَه ما جاءتنا به سورةُ الحج في آيتِها الأخبرة (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ).
يتبيَّنُ لنا مما تقدَّم أنَّ “ملةَ إبراهيم” هي “صراطُ الله المستقيم” الذي أمرنا اللهُ تعالى في الآية الكريمة 153 من سورةُ الأنعام بأن نتَّبعَه ولا نتَّبعَ سواهُ سبيلاً (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون).
