كان من عظيمِ فضلِ اللهِ على سيدِنا يوسف أنَّه تعالى كان يكيدُ له فيُدبِّرُ من أمرِهِ عليه السلام ما لم يكن بمقدورِهِ أن يُنجِزَه بيدَيه. ومن ذلك ما كان من كيدِ اللهِ تعالى له عليه السلام حتى يتسنَّى له أن يأخذَ أخاهُ في دين الملك، فكان ما كان وانطلى الأمرُ على إخوتهِ عليه السلام فظنوا أن أخاهم قد سرقَ صواعَ الملكِ حقاً، وأنَّهم سيعودون إلى أبيهم يعقوب عليه السلام وقد أخلُّوا بما كانوا قد عاهدوه عليه من قبلُ. فما كان من كبيرِ إخوةِ سيدِنا يوسف إلا أن قال قولَتَه التي حفظتها لنا سورةُ يوسف في الآية الكريمة 80 منها: (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ).
فكيفَ انتهى الأمرُ بأخِ سيدِنا يوسف هذا إلى تبرأتِهِ وبراءتِهِ؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما حدث بين سيدِنا يوسف وإخوته بُعيدَ توسُّلِهم إليه أن يُرجِعَ معهم أخاهم (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (88 يوسف). فما كان من سيدِنا يوسف إلا أن عاجلَهم فكشفَ لهم عن حقيقته (قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ. قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (89- 90 يوسف).
وهكذا فلقد حكمَ اللهُ تعالى لكبيرِ إخوةِ سيدِنا يوسف فرجعَ مع باقي إخوتِه إلى أبيه بالبشرى.
