كيف لنا أن نتدبَّرَ ما جاءتنا به سورةُ الأنعام في الآية الكريمة 153 منها: “وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ”؟
يظنُّ البعض أنَّ هذه العبارةَ القرآنيةَ الجليلة “مستقلةٌ بذاتِها” فلا يحتاجُ متدبِّرُها والحالُ هذه إلى أن يتدبَّرَ ما وردَ قبلها. وهذا ظنٌّ ليس في محله طالما كانت هذه العبارةُ الجليلةُ تُشكِّلُ مع الآيتين الكريمتَين اللتين تسبقانها جملةً قرآنيةً لن تُفصِحَ عن معناها الذي تنطوي عليه إلا بتدبُّرِ هذه الآيات الثلاث كلها جميعاً.
والآن لنتدبَّر الآيتين الكريمتين اللتين تسبقان العبارة القرآنية “وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ”: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبالوالدينِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(151)وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ هذه الجملةِ القرآنيةِ الكريمة أنَّ العبارة “وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ” تُجمِلُ ما سبق وأن فصَّلته الآيتان الكريمتان اللتان تسبقانها. فـ “هذا” الذي فصَّلته هاتان الآيتان الكريمتان “هو” صراطُ اللهِ المستقيم الذي لن يهتديَ إلى سبيل الله مَن اتَّبع سواه.