انتهيتُ في المنشور السابق إلى أنَّ اللهَ تعالى قال للملائكةِ، قبيل أن يتوجهوا إلى الأرض للإجهازِ على مَن كان يُفسِدُ فيها ويسفكُ الدماء، بأن يُبقوا على آدم خليفةً فلا يطالُه ما كان سيطالُهم من العذاب. ولقد اقتضى أمرُ الإبقاءِ على آدمَ خليفةً أن يُصارَ إلى أن يصطحبَه الملائكةُ معهم إلى الجنةِ التي قدِموا منها. فكان أن قدِمَ آدمُ إلى الجنةِ حيث كان له أن يشهدَ واقعةَ “سجودِ الملائكةِ” له؛ هذا السجودُ الذي أعقبَهُ “امتحانُ الأسماء”، والذي سبقَ سُكنى آدمَ وزوجِه الجنةَ التي أباحَ اللهُ تعالى لهما أن يأكلا منها حيث يشاءان رغداً شريطةَ ألا يقربا شجرةً بعينِها (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ. وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (34- 35 البقرة).
