وردت في سورةِ البقرة أربعةٌ من أسماءِ الملائكةِ الكرام عليهم السلام (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) (98 البقرة) و(وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) (من 102 البقرة). ومن عجيبِ أمورِ القرآنِ العظيمِ وغريبِها أن تَرِدَ في سورةِ البقرة منه آياتٌ كريمة، غيرَ هاتين الآيتين الكريمتين، تتحدثُ عن أسماءِ الملائكةِ؛ هذه الأسماءُ التي علَّمها اللهُ تعالى آدمَ عليه السلام، وذلك حتى يُبيِّنَ للملائكةِ أمراً كان خافياً عنهم (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُون) (31- 33 البقرة). فاللهُ تعالى لم يُعلِّم الملائكةَ أسماءَ آدمَ وزوجِه، ولذلك فلم يكن بمقدورهم أن يُجيبوا على سؤاله تعالى لهم بأن ينبئونه بإسمائهم، في الوقت الذي تمكَّنَ آدم من أن يُنبئَ الملائكةَ بأسمائهم التي علَّمها اللهُ تعالى له.
لقد تفرَّقت مدارسُ التفسيرِ فِرقاً وطوائفَ شتى، ولم يتفق جمهورُ المفسِّرين على معنى واحد لهذه “الأسماء” التي علَّمها اللهُ آدم عليه السلام. فتدبُّرُ “آياتِ الأسماء” كفيلٌ بأن يُبيِّنَ لنا أن الأمرَ لا يحتاجُ إلى الذهابِ بعيداً كما فعل هؤلاء المفسرون طالما كان بإمكانهم أن يكفونا، ويكفوا أنفُسَهم، عناءَ هذا النأي والابتعادِ عما هو واضحٌ جَلِي إلى ما هو موغِلٌ في غريبِ التأويلِ وموحشِهِ!
