لبعضٍ من كلماتِ القرآنِ العظيم أن تأتيَ بأكثرَ من معنى. ومن بين هذه الكلمات، كلمة “البينات”. فهذه الكلمةُ القرآنيةُ الكريمة تأتي أحياناً بمعنى “ذلك الذي أنزلَهُ اللهُ في الصحفِ الأولى: صحفِ إبراهيم وموسى وكذلك ما أنزلهُ اللهُ في الزَّبورِ والإنجيل والقرآن”، وهذا ما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآيات الكريمة التالية: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (66 غافر)، (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (105 آل عمران)، (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين) (86 آل عمران).
كما وتأتي كلمة “البينات” في القرآنِ العظيمِ أيضاً بمعنى “المعجزات”، وهي تلك الوقائعُ والأحداثُ والظواهر التي أيَّدَ اللهُ تعالى بها أنبياءَه المرسَلين، وهذا ما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (من 25 الحديد)، (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون) (63 الزخرف)، (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ) (74 يونس).
وبذلك يتبيَّنُ لنا أنْ ليس لكلِّ كلمةٍ في القرآنِ العظيم أن تأتيَ دائماً بذاتِ المعنى.
