(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) (26 إبراهيم). يظنُّ البعضُ ممن يقرأونَ هذه الآيةَ الكريمة دون تدبُّرٍ أنَّ اللهَ تعالى قد خلقَ أشجاراً “خبيثة” كما خلقَ أشجاراً “طيبة”! (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) (24 إبراهيم). وهذا ظنٌّ لا يستقيمُ مع ما ينبغي أن يكونَ عليه التصوُّرُ الصائبُ لعلاقةِ اللهِ تعالى بمخلوقاتِه. فتعالى اللهُ عن هكذا ظنٍّ تُفنِّدُه وتدحضُه القراءةُ المتدبِّرةُ لآيةِ الشجرة الخبيثة أعلاه! فبمقتضى هذه القراءة، فإنَّ ما جعلَ الشجرةَ “خبيثةً” هو ما بوسعِ العبارةِ القرآنيةِ “مَا لَهَا مِنْ قَرَار” أن تُبيِّنه بهذا الشأن.
فمعنى هذه الآية الكريمة لا يحتاجُ منا إلى هذا التأويل الذي ذهب إليه هؤلاء، وذلك طالما كانت عبارة “مَا لَهَا مِنْ قَرَار” تعني “ليس لها جذور”! فالشجرةُ إذا ما اجتُثَّت من فوقِ الأرض، فاقتُلِعت من جذورِها تًصبح “خبيثةً”، وذلك لأنها سوف تشرعُ بالتحلُّل والتفسُّخ. ويؤيِّدُ هذا الذي تنتهي إليه هذه القراءةُ المتدبِّرة تدبُّرُ الآية الكريمة 24 من سورة إبراهيم أعلاه؛ فالشجرةُ الطيبةُ “أصلُها ثابتٌ”، وذلك في إشارةٍ إلى ارتباطِ هذه الشجرة بالأرض عن طريقِ جذورِها التي تؤمِّنُ لها ما يتكفَّلُ بديمومةِ حياتِها. فـ “الأصلُ الثابت” هو هذه الجذور التي بها يكونُ للشجرةِ قرارٌ واستقرار.
