يشتملَ القرآنُ العظيم على ما من شأنه أن يتكفَّل بتحريرِ الإنسانيةِ من المعتقدات الزائفة الباطلة. ومن بين هذه المعتقدات ما يؤمن به كثيرٌ من البشر بأن للشيطانِ سلطاناً على الإنسان! فإذا كان القرآنُ العظيم قد أكَّدَ أنَّ كيدَ الشيطانِ ضعيف (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (من 76 النساء)، فإنَّه قد كشفَ النقابَ أيضاً عن كلِّ ما بإمكانِ الشيطانِ أن يقومَ به، وذلك على قدرِ تعلُّقِ الأمر بعلاقتِهِ بالإنسان. فكلُّ ما بمقدورِ الشيطانِ أن يتسبَّبَ للإنسانِ به هو أن يُنسيَه شيئاً ما، أو أشياء، أو أن يُلاحِقَه بالتزيينِ والإغواءِ والإضلالِ والنزغ والهَمز والاستزلال.
وأما ما وقرَ لدى الكثير من قدرةٍ مزعومةٍ للشيطان على جعلِ الإنسانِ يكفرُ بربِّه الرحمن، فهو محضُ وَهمٍ وخيال. فالشيطانُ ليس له من سلطانٍ على الإنسان يكونُ له بمقتضاه أن يجعلَه يؤثِر الضلالةَ على الهدى. فكلُّ ما في الأمرِ هو ما بوسعِنا أن نتبيَّنه بتدبُّرِنا الآيات الكريمة التالية: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) (من 22 إبراهيم)، (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (42 الحجر)، (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) (65 الإسراء)، (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (99- 100 النحل)، (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ) (من 21 سبأ).
