لم يفر سيدُنا موسى عليه السلام خوفاً من عصاهُ، التي صيَّرها اللهُ تعالى ثعباناً مبيناً بلمحِ البصر، كما يظن البعض ويتوهَّم! ولكنه فرَّ خوفاً من اللهِ الذي تبيَّن له من عظيمِ قدرتِه ما جعلَه يخشى على نفسِه من أن تطالَه منه تعالى عقوبةٌ على ما جنته يداهُ بقتلِه الرجل الذي جاءتنا بنبئه سورة القصص (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ. قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم) (15- 16 القصص).
فكان أن طمأنَه اللهُ تعالى بقولِه (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) (من 31 القصص). فاللهُ تعالى كان قد غفرَ لسيدِنا موسى ما جنته يداه في حينها، إلا أنه كان قد أخفى ذلك عنه ولم يُخبره به إلا في الوادي المقدس طوى (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (من 10- 11 النمل).
