نفخ اللهُ تعالى في سيدِنا آدم من روحِهِ نفخةً صيَّرته إنساناً في أحسن تقويم استحق بمقتضاها أن تسجد له ملائكتُه الكرام. وإذا كان اللهُ تعالى قد خلق سيدَنا آدم إنساناً في أحسنِ تقويم، بهذه النفخةِ الإلهية المباركة، فماذا عنا نحن بنو آدم؟ هل خُلِقنا نحن أيضاً في أحسن تقويم؟
تُجيبُنا على ذلك بالنفي الآيةُ الكريمة 5 التين (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين). إلا أنه، وبتدبُّرِ السياق الذي وردت فيه هذه الآية الكريمة مبتدءاً ومنتهى، يتبيَّنُ لنا أن لهذا الأمر محدِّداتٍ بمقتضاها يكون الواحدُ منا ممن رُدُّوا أسفلَ سافلين إن هو لم يكن من الذين آمنوا وعملوا الصالحات. لنتدبر هذا السياق القرآني الكريم (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ(1)وَطُورِ سِينِينَ(2)وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3)لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(4)ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ(5)إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).
إذاً فليس صحيحاً أن نظنَّ ونتوهَّمَ بأننا كَلنا معشرَ بني آدم قد خُلِقنا كأبينا آدم في أحسنِ تقويم! فالإنسان من بعد أكل أبوَيه من الشجرةِ التي نهاهما اللهُ عنها قد رُدَّ أسفلَ سافلين رداً استدعى أن يتَّبعَ هَديَ الله القويم، فيكونَ من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، حتى لا ينتهي به الأمرُ إلى لزومِ هذا الذي رُدَّ إليه، وحتى يكونَ بمقدورِه أن يعودَ إلى ما كان أبوه آدم عليه.
