كشفَ اللهُ تعالى لنا النقابَ بقرآنِهِ العظيم عن الكثير من أسرارِ الوجود. ومن هذه الأسرار، التي ما كان لنا أن نقعَ عليها لولا ما ورد في القرآنِ العظيم بشأنها، أنَّ لكل شيءٍ في هذا الوجود إرادةً تكادُ أن تكفيَه تعريفاً به وبهويته، حتى أنك لن تكونَ مبالغاً إذا ما قلتَ “إن الوجودَ إرادةٌ”! ولقد جاء في سورة الكهف ما يفيد بهذا (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) (من 77 الكهف). فالجدار كان يريدُ أن ينقضَّ بإرادةٍ لم يحُل بينها وبين التحقُّق إلا ما قام به موسى عليه السلام والعبدُ الصالح من إقامةٍ له.
وبذلك يتبيَّنُ لنا أنَّ الإنسانَ لابد وأن يفعلَ ما بوسعِهِ حتى يحولَ دون أن يتحقَّقَ لنفسِهِ مرادُها فينتهيَ به الأمرُ مُلقىً في جهنمَ أبدَ الآبدين! فالنفسُ مرادُها هو أن ينتهيَ الأمرُ بها وبصاحبِها إلى الخلودِ في نارِ جهنم ولا رادَّ لها عن إنفاذِ مشيئتها وتحقيقِ مرادها إلا الإيمانُ باللهِ واليومِ الآخر والعملُ الصالح. فكما أن لنفسِك مراداً عقدت هي العزمُ على تحقيقِه، فكذلك ينبغي أن يكونَ لك أنتَ أيضاً مُرادٌ تجتهدُ لتحقيقِه حتى لا يكونَ لها ما تريد ويكونَ لك ما تريد فتُزحزَحَ بذلك عن النار وتُدخَلَ الجنة.
