يأبى العلمُ إلا أن يُبرهنَ على جهالتِهِ بهذا الذي لا ينفكُّ يقولُ به من تخرُّصاتٍ يريدُنا أن نُجِلَّها ونُبجِّلَها ونُنزِلَها مَنزلَ “الحقيقي” و”المقدس”! ومن ذلك ما خرجَ علينا به علمُ الفلكِ المعاصر من زعمٍ بأنَّ كونَنا هذا ليس بالكونِ الوحيد، وأن هناك أكواناً متعددة يتعذَّرُ إحصاؤها! وما اضطرَّ علماءَ الفلَكِ المعاصرين إلى الخروجِ علينا بهذا الابتداعِ هو إصرارُهم على أن يقاربوا الكونَ مقاربةً رياضيةً تتحكَّمُ فيها معادلاتٌ تضطرُّ مَن يتعاملُ معها إلى تصديقِ كلِّ ما تنتهي به إليه من نتائج، إن هي اتَّسقَت مع سياقِها الرياضي تناغماً وتوافقاً، فإن ذلك لا يلزمُ عنه وجوبُ أن تكونَ هذه النتائجُ متماهيةً مع ما هو عليه الوجود! فالوجودُ لا ينبغي أن يُصيَّرَ وفقما تقضي به معادلاتُنا، التي وإن بدت لنا متَّسقةً وجميلة فإنها لا تملكُ ما يجعلُ لها تسلُّطاً على هذا الوجود يوجِّهه أنى يشاء!
إن نزعةَ العقلِ البشري إلى “التعددية” قد جرَّت على الإنسانِ ما جعلَه يجنح بعيداً عن توحيدِ اللهِ تعالى ليخوضَ في متاهات الإشراك والإيمان بآلهةٍ إن نعدَّها لا نحصيها! ويبدو أن هذه النزعةَ تأبى أن تفارقَ الإنسانَ حتى ونحن في قَرنِنا الحادي والعشرين هذا! فعوضَ أن نكتفي بكونٍ واحدٍ، أضحى لدينا الآن ما لا قدرةَ لنا على إحصائِهِ من الأكوان!
إن إصرارَ العلمِ على وجوب التقيُّدِ بما تنتهي به إليه رياضياتُهُ ومعادلاتُهُ لن ينتهي بنا إلا إلى مزيدٍ من التخبُّطِ في الضلالات التي يحسبُها الضمآنُ ماء وما هي في حقيقةِ الأمر إلا سرابٌ ستتبيَّنُ لنا لاحقاً حقيقتُه ولكن بعد فواتِ الأوان!
