يجادلُ الذين يُغالونَ في تقديرِ الإنسان ويبالغون في التعظيمِ له فيقولُ واحدُهم إنَّ أكلَ أبوَينا من الشجرة التي نُهيا عنها لم يتسبَّب في إلحاقِ أيِّ تضرُّرٍ بذريَّتِهما! ولكن كيف يستقيمُ هذا الظنُّ مع ما أثبتَه القرآنُ العظيم من أنَّ الإنسانَ، ومن بعدِ أكلِ أبوَيه من تلك الشجرة، أصبح أمامَ مفترَقِ طريقينِ لا ثالثَ لهما؛ فإما أن يعبدَ اللهَ مُهتدياً بهَديِهِ القويم وإما أن يُعرِضَ فيجرَّ على نفسِهِ وَبالَ الدنيا والآخرة.
يبدو أن أتباعَ هذا الظنَّ الواهمَ قد فاتَهم ما جاءنا به القرآنُ العظيم مفصِّلاً لذاك الذي حدث فجعلَ من بني آدمَ متضرِّرين جراءَ أكلِ أبوَيهم من شجرةِ الجنةِ تلك تضرُّراً لا سبيلَ إلى إماطتِهِ والتحرُّرِ من آثارِهِ الكارثية إلا بما بيَّنته غيرُ آيةٍ من آياتِ هذا القرآن: (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون) (35 -36 الأعراف)، (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (3 الإنسان)، (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (10 البلد)، (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (7 -8 الشمس).
