تحدثتُ في منشورٍ سابق عن “الظواهر الإلهية” وكيف أنها تُمثِّلُ تحدياً للعلم الذي سوَّلت له نفسُهُ أن يُجاهِرَ ويُفاخِرَ بإلحادِهِ ظناً منه وتوهماً بأنَّ ما قُيِّضَ له أن يكون بمقدوره أن يُعلِّلَ له من ظواهرِ الوجود تعليلاً علمياً يُبيحُ له أن يزعُمَ ألا موجبَ هناك للقولِ بوجودِ الله! فالقرآنُ العظيم ظاهرةٌ إلهيةٌ بهذا الذي هو عليه من استعصاءٍ على كلِّ محاولةٍ ترومُ التعليلَ لما ينطوي عليه من حقائقَ تُعجِزُ العقلَ عن فقهِ الكيفيةِ التي تأتى لهذا القرآن أن يُحيطَ بها. فتدبُّرُ القرآنِ العظيم كفيلٌ بكشفِ عجزِ العلم عن التعليلِ لما جاءنا به هذا القرآن من خفايا وأسرارٍ وخبايا ذاتِ صلةٍ بالماضي التطوري للإنسان؛ هذا الماضي الذي أخفقَ العلمُ في معرفتِهِ إخفاقاً ذريعاً، وذلك بشهادةِ عجزِهِ عن إيرادِ الإسبابِ التي جعلت من الإنسان يشذُّ عن الطبيعة ويخرجُ على قوانينِها مخالفاً بذلك لسُنَنِ التطورِ التي تقيَّدت بمُقيِّداتِها وانضبطت بضوابطِها جميعُ الكائناتِ البايولوجية خلا هذا الإنسان!
كما أن القرآنَ العظيم يتحدى العلمَ، بهذا الذي جاءنا به من حقائقَ ذاتِ صلةٍ بالوجود؛ إذ كيف تسنى لكتابٍ عُمُره أكثر من 1400 عاماً أن يشتملَ على هكذا حقائق لم يتسنَّ للعلم أن يضعَ يدَه عليها إلا مؤخراً؟!
