يعتمدُ القرآنُ العظيم أسلوباً في الإرشادِ يُفاضِلُ بمقتضاهُ بين طائفتَين من الناس، وذلك حتى تستبينَ سبيلُ الحقِّ فلا يعودُ بمقدورِ الناس أن يقولوا إن الأمرَ قد تشابَهَ عليهم فلا يدرون أيَّ السُّبُلِ يتخيَّرون! فالقرآنُ العظيم بيَّنها واضحةً جليَّةً بهذا الذي تمايزت به سبيلُ الرُّشدِ عن سبيلُ الغَي. وهذا التمايزُ بين هذين السبيلين قد فصَّلته العديدُ من آياتِ القرآنِ العظيم وبيَّنته حتى لا يلتبسَ الأمرُ على مَن قصدَ إلى تدبُّرِ القرآنِ بعقلٍ متحرِّرٍ من تسلُّطِ النفسِ وتحكُّمِ هواها.
ومن مفرداتِ هذا الأسلوب القرآني الإرشادي هو هذه المفاضلةُ بين “ناسٍ وناس”. لنتدبَّر الآيتين الكريمتين التاليتين: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (207 البقرة)، و(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (6 لقمان).
