جاءتنا سورةُ الحجرات بتوصيفِ ما ينبغي أن يكونَ عليه حالُ الواحدِ منا مع اللهِ تعالى حتى يكونَ من الراشدين (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ. فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (7 -8 الحجرات).
يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ هاتين الآيتين الكريمتين أنَّ الأمرَ كلَّه منوطٌ بإيقانِنا أنَّ فينا رسولَ اللهِ صلى الله تعالى عليه وسلم إيقاناً يجعلُ من العسيرِ على قلوبِنا أن تنصاعَ لما تأمرُها به نفوسُنا من كفرٍ وفسوقٍ وعصيان. فإن نحنُ أصلحنا حالَنا مع اللهِ تعالى وفقاُ لما يقتضيهِ هذا الإيقانُ بأنَّ فينا رسولَ اللهِ صلى الله تعالى عليه وسلم، فإنَّ اللهَ تعالى سيُصلِحُ هذا الحالَ فيُحبِّبُ لنا الإيمانَ ويُزيِّنُهُ في قلوبِنا حتى لا يعودَ بمقدورِها أن تزيغَ عن صراطِه المستقيم من بعدِما كرَّهَ إليها الكفرَ والفسوقَ والعصيان.
إذاً فالراشدونَ هم مَن لم يفارقْ قلوبَهم الإيقانُ بأنَّ رسولَ اللهِ لما يُفارِقُنا بكلِّ ما يوجبُه ذلك من استحياءٍ منه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصدرَ عنا ما لا يرتضيهُ لنا من خبيثِ القولِ وسيءِ العمل.
