ما الذي بإمكاننا أن نصفَ به حضارةَ الإنسان المعاصرة من وصفٍ غيرَ ذاك الذي تُذكِّرُنا به الآياتُ الكريمة 42 -44 من سورة الأنعام؟ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ. فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُون).
أفلا يحقُّ لنا أن نقولَ بأنَّ اللهَ تعالى قد فتحَ على أهلِ هذه الحضارةِ الإنسانية المعاصرة أبوابَ كلِّ شيء؟ أوَلم يُيسِّر اللهُ للإنسانِ في هذا العصر سبُلَ تسيُّدِ الأرض براً وبحراً وجواً؟ أوَلم تمتثل الطبيعةُ بنباتِها وحيوانِها وجمادِها لأمرِ إنسانِ هذا الزمان الذي عاثَ في الأرضِ فساداً وخراباً؟
إنَّ الإجابةَ بالإيجابِ على ما تقدَّم من إسئلةٍ تُحيلُنا بالضرورة إلى استذكارِ ما تنطوي عليه الآياتُ الكريمةُ أعلاه من تحديدٍ قدَري لما سيؤولُ إليه أمرُ حضارةِ الإنسانِ المعاصرة! فبمقتضى القوانينِ الإلهية، التي وفقاً لها تُشرِقُ شموسُ الحضاراتِ الإنسانيةِ وتأفل، فإن حضارتَنا المعاصرة قد أوشكت شمسُها على الأفول! وما هي إلا “لحظاتٌ إلهيةٌ” معدودة حتى يجيءَ أمرُ اللهِ فتأفلَ شمسُ الحضارةِ الإنسانيةِ المعاصرة بعد أن يكونَ الإنسانُ قد برهنَ على أنه لا يستحقُّ أن تنالَهُ من اللهِ رحمتُهُ الإلهية التي وسعت كلَّ شيء بهذا الذي أشاعَهُ في الأرضِ من فسادٍ وخراب هما برهانانِ على أنه قد استحقَّ أن يكونَ مصيرُهُ مصيرَ مَن سبقَهُ من أقوامٍ وأُمم!