التطور لغةً هو التغيُّر من طورٍ إلى آخر، وهو لذلك ليس بالضرورة تغيراً نحو الأحسن والأفضل؛ فقد يكون التطور تغيراً من الأفضل إلى الأسوأ. وهذا هو عين ما حدث للإنسان بتطوره الذي جرَّته عليه تلك الشجرة المحرمة التي عصا آدم وزجه ربَّهما بأكلهما منها. فلقد أصبح الإنسان من بعد تلك الأكلة المحرمة مضطراً إلى وجوب اتباع هدي الله تعالى لتُكتب له النجاة من الشقاء الدنيوي والآخروي. وهكذا جعل أكل آدم وزوجه من تلك الشجرة الإنسانَ على “مفترق طرق تطوري”؛ فهو متطور ارتقاءً إلى “أعلى عليين” إن هو اتبع هَدي الله، وهو متطور تقهقراً وانحداراً ورداً أسفل سافلين إن هو أعرض عن هَديه تعالى.
وبذلك يتبيَّن لنا أن التطور هو ليس ارتقاءً على الدوام، فقد يكون التطور ارتداداً إلى ما هو أسوأ وأردأ مما كان عليه الحال قبله. وهذا ما بوسعنا أن نتبيَّنه جلياً بتدبُّرنا سورة التين (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ(1)وَطُورِ سِينِينَ(2)وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3)لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(4)ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ(5)إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ(6)فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ(7)أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ