وردت الآية الكريمة (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) إحدى وثلاثين مرة في سورة الرحمن. وفي هذا ما يكفي لتذكير الإنسان بما هو عليه من تكذيبٍ بآلاء ربِّه الرحمن. فالإنسان يكذِّب بآلاء وأنعُم ربِّه الرحمن وذلك بانشغاله عنها بحياته الدنيا تصارعاً مع أخيه الإنسان على زخرفها وبهرجها وزينتها، فبئس البدل أن يستعيض الإنسان بزائل هذه الحياة الدنيا عن الله الذي خلقه ورزقه ودلَّله. فالإنسان، بهذا الانشغال منه عن الله تعالى بهذه الحياة الدنيا تصارعاً مع أخيه الإنسان على زائلها، يقدِّم الدليل القاطع بأنه مكذِّب بآلاء وأنعم الرحمن. فلو أن الإنسان انشغل بشكر الرحمن على ما جادت به عليه يداه الكريمتان، لما كانت الدنيا هذا هو حالها عداوةً بين بني آدم تتجلى اقتتالاً وتصارعاً على أنعم الله تعالى التي قسمها بين عباده وهو الرزاق خير الرازقين. والإنسان، بهذا الانشغال منه عن الشكر لله تعالى على جزيل نعمائه، إنما يقدِّم الدليل والبرهان على أنه غير مؤمن بالله، وذلك لأن الإيمان به تعالى يستدعي منه وجوب أن يكون شاكراً لله أنعمه؛ فشكرك الله على نِعمه هو الدليل على أنك مؤمن به تعالى. وكل انشغالٍ منك عن الشكر لله إنما هو دليل على انتفاء كونك ممن آمن به تعالى.
فلنحرص إذاً على ألا ننشغل عن الله تعالى بزائل هذه الحياة الدنيا ولنواظب على الشكر له على ما جاد به علينا من نِعَمه وآلائه فبهذا، وبهذا فقط، نكون حقاً ممن آمن به وباليوم الآخر.