بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
لقد أنشأت هذه المدونة لأن لدي مشروع فكري ومعرفي مهم وأشعر أني يجب أن أدرسه دراسة نقدية متفحصة وأنا أتحدث عنه فيها. سوف أتحدث بإذن الله عن مشروعي هذا منذ بداياته التي سبقت ولادتي الروحية، والتي أسميها سنوات المشكلة، وحتى ما انتهى إليه الآن، فيما أسميه بسنوات الحل. وكذلك سأتحدث عن سبب كتابتي كل كتاب من كتبي، وما هو الناظم المشترك الذي ينتظم هذه الكتب جميعاً، ولماذا أعتقد أن لدي مشروع معرفي وفكري يستحق أن أدرسه عن كثب بعيداً عن الكتب. إذ سيكون بمقدوري بهذه الطريقة أن أنظر إلى مشروعي هذا عن بُعد كناظر خارجي، وليس كحالي في أثناء كتابتي اليومية إذ أكون داخل هذه المنظومة الفكرية، وسوف أفحص سبب تمسكي بأفكاري الرئيسية، وأنظر إذا ما كان هذا التمسك سببه فقط كونها أفكاري أم أن الأيام تأتي بكل ما هو كفيل بالبرهان على أن هذه الأفكار تستحق فعلاً التشبث بها والايمان بها حتى النهاية. وبذلك فإن هذه المدونة تمثل تقنياً إبستمولوجيا مشروعي المعرفي. حيث أن الأبستمولوجيا تعني لي النقد المعرفي، أو بالأحرى الأدوات الفكرية التي تمكنني من انتقاد مشروعي المعرفي، لأن أي فكر ليس لديه الأبستمولوجيا الخاصة به، أي ليس لديه مشروع نقدي لمنظومته المعرفية، مقدر له الفشل من وجهة نظري.
إن من ينظر إلى مشروعي المعرفي هذا لا يمكن له أن يخطئ هوسي بالظواهر الخارقة على طول الخط. ففي البداية وجدت الظواهر الخارقة موضوعاً يستوجب العناية والاهتمام، ثم بعدها وجدت أن عليَّ عدم الاكتفاء بدراسة العلم الغربي، أي الباراسايكولوجيا، لها، ففكرت بمشروع أطلقت عليه تسمية “الباراسايكولوجيا الجديدة”، يأخذ بعين الاعتبار ظواهر لها علاقة ببئتنا العربية المسلمة من مثل الشفاء غير التقليدي للضرر المتعمد إحداثه بالجسم في الفعاليات التي يستعرضها الدراويش والتي تعرف بالدرباشة، والتي لا تغطيها تصنيفات باراسايكولوجيا العلم الغربي وتفسيراته. ثم وجدت أن هذه التسمية ليست شاملة وذلك لأنها تنظر إلى الظواهر الخارقة من حيث علاقتها بالسايكولوجيا، في حين أن الظواهر الخارقة ليس لها علاقة بعلم السايكولوجيا وحده وإنما بكثير من العلوم الأخرى، لذلك فقد اخترت لها تسمية أعم وهي “البارانورمالوجيا”. والآن، وبعد أكثر من ربع قرن، أجد نفسي لا أزال على الهوس ذاته، بل وأجد نفسي مقصراً ولم أولي الأمر ما يستحقه من عظيم اهتمام! وهنا سوف أدرس إن كان هناك ما يبرر هذا الهوس، وما هو سببه.
وسوف أتجه هنا إلى الأساسيات ليس فيما يخص الظواهر الخارقة فقط، وإنما أيضاً إن كنت لا أزال أؤمن بأن التصوف هو الخيار الأفضل لمواجهة هذا الوجود مواجهة معرفية، ولماذا، وهل ما زلت أؤمن بالله، ولماذا، وكيف أقدر أن أدافع عن هذا كله بحيث يصبح سبب إيماني في كل شيء واضحاً.
باختصار فإني أعتزم أن أتحدث في هذه المدونة عن كيفية بناء مشروعي المعرفي هذا خطوة خطوة منذ البداية، وكيف يتراكب هذا المشروع مع الأفكار الأخرى ويسير إلى الأمام، وكيف أني في ذات الوقت الذي أعلو فيه لكي أنظر إلى البنيان ككل فإني أتفحص الأسس، وذلك في حركة مغزلية أندفع فيها إلى الأمام وفي الوقت ذاته أراجع ما قمت به في الخلف، وذلك على صراطي المعرفي المستقيم إن شاء الله.
ولمن يرغب في الاستزادة فإني أضع أدناه وصلة لمقالة لي عن منظوري للظواهر الخارقة كانت قد نشرتها مجلة العربي:
http://www.3rbi.info/Article.asp?ID=8884#.WbmWMc1uBNw.whatsapp